..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والظاهر أن قوله: "هذا كتاب من رب العالمين" صار على طريق التمثيل والتصوير. و"أجمل على آخرهم": من قولهم: أجمل الحساب: إذا تمم، ورد من التفصيل إلى الجملة، فأثبت في آخر الورقة مجموع ذلك وجملته. و"فرغ ربكم": فذلكة الكلام ونتيجته. قاله القاضي.
وأما النظم، فإنهم لما ادعوا أن الله شرع لهم الطواف عرايا، وأمر به كما سبق، ورد الله عليهم بأنه لا يشرع ولا يأمر بما فيه الفحشاء والمنكر، بل يشرع بما فيه القسط والعدل من التوحيد والإخلاص في العمل، نبههم على دقيقةٍ جليلة، وهي التنبيه على خطأ رأي من لا يفرق بين الأمر والإرادة. يعني: أن الله تعالى وإن أمر بالقسط، لكن لا يهدي إليه إلا من أراده له، وسبق حكمه به، وأبرم قضاءه له، لأنه (كما بدأكم تعودون). ومن قضائه وقدره أن هؤلاء الكفرة اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله، وزين لهم سوء عملهم، حيث افتروا على الله الكذب، ومع ذلك يحسبون أنهم مهتدون. ويجوز الاستئناف، كأنه قيل: فإذا ما حكم هؤلاء الضلال؟ فأجيب: (إنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ).
وحاصل التقرير أن قوله: (كما بدأكم تعودون) متصل بالأمر على ما سبق، لا على ما قال: "كما أنشأكم ابتداءً يعيدكم"، احتج عليهم في إنكارهم الإعادة؛ لأنه لا مدخل له في هذا المقام.
وأن قوله: (فَرِيقًا هَدَى وفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ): بيان وتفصيل لقوله: (كَمَا بَدَأَكُمْ


الصفحة التالية
Icon