ويحكى: أنّ الرشيد كان له طبيبٌ نصرانيٌ حاذق، فقال لعلي بن الحسين بن واقد: ليس في كتابكم من علم الطب شيء. والعلم علمان: علم الأبدان وعلم الأديان، فقال له: قد جمع الله الطب كله في نصف آيةٍ من كتابه. قال: وما هي؟ قال: قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا)، فقال النصراني: ولا يؤثر من رسولكم شيءٌ في الطب؟ فقال: قد جمع رسولنا ﷺ الطب في ألفاظٍ يسيرة. قال: وما هي؟ قال: قوله: «المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواءس، وأعط كل بدن ما عوّدته"، فقال النصراني: ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طباً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ("المعدة بيت الداء")، معنى الحديث ما رواه البيهقي في "شعب الإيمان" وابن الجوزي في "لقط المنافع" عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "المعدة حوض البدن، والعروق إليها واردة، فإذا صحت المعدة، صدرت العروق بالصحة، وإذا فسدت المعدة صدرت العروق بالسقم".
شبه صلي الله عليه وسلم المعدة بالحوض، والبدن بالشجرة، والعروق الواردة إليها بعروق الشجر الضاربة إلى الحوض، الجاذبة ماءه إلى الأغصان والأوراق، فمتى كان الماء صافياً، ولم يكن ملحاً أجاجاً، كان سبباً لنضارة الأشجار وغضارتها، وإلا كان سبباً لذبولها وجفافها. فكذا حكم البدن مع المعدة. وذلك أن الله تعالى بلطف حكمته، وبديع فطرته، جعل