ومعنى (لأولاهم): لأجل أولاهم؛ لأن خطابهم مع الله لا معهم، (عَذاباً ضِعْفاً): مضاعفاً، (لِكُلٍّ ضِعْفٌ) لأنّ كلاً من القادة والأتباع كانوا ضالين مضلين، (وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) قرئ بالياء والتاء.
(فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) عطفوا هذا الكلام على قول الله تعالى للسفلة: (لِكُلٍّ ضِعْفٌ)، أي: فقد ثبت أن لا فضل لكم علينا، وأنا متساوون في استحقاق الضعف، (فَذُوقُوا الْعَذابَ) من قول القادة، أو من قول الله لهم جميعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن كلاً من القادة والأتباع كانوا ضالين مضلين)، هذا في حق القادة ظاهر، وأما الأتباع فلأنهم لما اتخذوهم رؤساء عظماء، ورضوا بذلك كأنهم أضلوهم. كقوله تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ ورُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ) [التوبة: ٣١].
والأحسن أن يقال: إن ضعف الأتباع لإعراضهم عن الحق الواضح وتولي الرؤساء لينالوا منهم عرض الدنيا إتباعاً للهوى، يدل عليه قوله تعالى: (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الهُدَى بَعْدَ إذْ جَاءَكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ) (سبأ: ٣٢.
قوله: (قرئ: بالياء والتاء): بالياء التحتانية: أبو بكر.
قال الزجاج: "من قرأ بالتاء، فمعناه: لا تعلمون، أيها المخاطبون، ما لكل فريقٍ منكم من العذاب، ومن قرأ بالياء فالمعنى: لا يعلم كل فريق مقدار عذاب الفريق الآخر".
قوله: (عطفوا هذا الكلام على قول الله تعالى): أي: رتبوا كلامهم على كلام الله، على وجه التسهيب، لأن إخبار الله بقوله: (لكل ضعف) سبب لعلمهم بالمساواة، وحملهم على أن يقولوا: وإذا كان كذلك فقد ثبت أن لا فضل لكم علينا في استحقاق الضعف.


الصفحة التالية
Icon