حتى وفد عمرو بن سالم الخزاعي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنشده:

لَاهُمَّ إنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدَا حِلْفَ أَبِينَا وَأبِيكَ الأَتْلَدَا
إن قُرَيْشاً أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا وَنَقَضُوا ذِمَامَكَ الْمُؤَكَّدَا
هُمْ بَيَّتُونَا بِالْحَطِيمِ هُجَّدَا وَقَتَلُونَا رُكَّعاً وَسُجَّدَا
فقال عليه الصلاة والسلام: "لا نصرت إن لم أنصركم".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
قوله: (لاهم إني ناشد محمداً) الأبيات: "لا هم": أصله: اللهم، والميمان عوضان عن حرف النداء عند البصريين، وجوز سيبويه أن يكون "لاه" أصله اسم "الله"، ثم أدخلت عليه اللام، فجرى مجرى العلم كالعباس، وأصله: يا لاه، فأبدل الميم من حرف النداء، فصار: لاهم.
"ناشد": من قولهم في الاستعطاف: نشدتك بالله، أي: سألتك بالله، وطلبت إليك بحقه، ومعنى: إني سائل محمداً، أي: سائل ربي النصرة بمحمد صلى الله عليه وسلم.
"الحلفُ" بالكسر: العهد بين القوم، والأحلاف: الذين يحالفون القوم على النصرة والوفاء. "الأتلد": أفعل التفضيل؛ من التالد: القديم.
"حلف أبينا": منصوب بمضمر، أي: اذكر وراع الذمام القديم الذي جرى بين آبائنا، وكان بين عبد المطلب وخُزاعة حلف قديم.
و"الحطيم": الذي فيه الميزاب، وهي الحجر، وسُمي به لأنهم كانوا في الجاهلية يحلفون فيهن فيحطم الكاذب.
قيل: فغضب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج إلى مكة، ونصر الله رسوله، وشفى الله صدور خزاعة من بني بكر بالنبي ﷺ وبالمؤمنين، كما قال تعالى: (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) [التوبة: ١٥].


الصفحة التالية
Icon