(وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ): متمرّدون خلعاء، لا مروءة تزعهم، ولا شمائل مرضية تردعهم، كما يوجد ذلك في بعض الكفرة، من التفادي عن الكذب والنكث، والتعفف عما يثلم العرض ويجرّ أحدوثة السوء.
[(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ * لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) ٩ - ١٠]
(اشْتَرَوْا) استبدلوا (بِآياتِ اللَّهِ): بالقرآن والإسلام (ثَمَناً قَلِيلًا)، وهو إتباع الأهواء والشهوات، (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ): فعدلوا عنه أو صرفوا غيرهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال أبو البقاء: " (يُرْضُونَكُمْ) حال من فاعل (لا يَرْقُبُوا) عند قوم، وليس بشيء"، وقال القاضي: " (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ) استئناف لبيان حالهم المنافية لثباتهم على العهد، المؤدية إلى عدم مراقبتهم عند الظفر، ولا يجوز جعله حالاً من فاعل (لا يَرْقُبُوا)، فإنهم بعد ظهورهم لا يرضون المؤمنين، ولأن المراد إثبات إرضائهم المؤمنين بوعد الإيمان والطاعة والوفاء بالعهد في الحال، واستبطان الكفر والمعاداة، بحيث إن ظفروا لم يبقوا عليهم، والحالية تنافيه". وكذا عن أبي البقاء.
قوله: ((وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ) متمردون خلعاء): والكافر إذا وُصف بالفسق دل على نهاية ما هو فيه من الكفر، ودل بمفهومه أن بعضهم ليسوا كذلك، وهو المراد من قوله: "كما يوجد ذلك في بعض الكفرة من التفادي عن الكذب" يُقال: تفادي الرجل عن كذا: إذا تحاماه. و"مِن" مُتعلقُ بـ "تردعهم".
قوله: (أو صرفوا غيرهم): يعني: قوله تعالى: (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ): إما لازم من الصدود، أي: العدول، أو متعد من: صده إذا صرفه. الجوهري: "صد يصد صدوداً: أعرض، وصده عن الأمر صداً: منعه وصرفه عنه، وأصده: لغة".


الصفحة التالية
Icon