وأعمالهم المحبطة بأعمالهم المثبتة، وأن يسوى بينهم. وجعل تسويتهم ظلماً بعد ظلمهم بالكفر.
وروى: "أن المشركين قالوا لليهود: نحن سقاة الحجيج وعمار المسجد الحرام، أفنحن أفضل أم محمد وأصحابه؟ فقالت لهم اليهود: أنتم أفضل". وقيل: إن عليا قال للعباس: يا عمّ، ألا تهاجرون؟ ألا تلحقون برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! فقال: ألست في أفضل من الهجرة؟ أسقى حاجّ بيت الله، وأعمر المسجد الحرام! فلما نزلت قال العباس: ما أراني إلا تارك سقايتنا، فقال عليه السلام: "أقيموا على سقايتكم، فإن لكم فيها خيراً".
[(الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) ٢٠ - ٢٢]
هم أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ من أهل السقاية والعمارة عندكم، (وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) لا أنتم، والمختصون بالفوز دونكم. قرئ: (يُبَشِّرُهُمْ) بالتخفيف والتثقيل،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وجعل تسويتهم ظلماً): عطف من حيث المعنى على قوله: "إنكار أن يشبه"، أي: أنكر أن يشبه، وجعل تسويتهم ظلماً، حيث وضع المظهر موضع المضمر في قوله: (وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
قوله: (وقيل: إن علياً قال للعباس رضي الله عنهما: يا عم، ألا تهاجرون! ألا تلحقون برسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى آخره: يؤذن أن العباس كان مسلماً، والآية نزلت وهو مسلم، وقوله قبل هذا: "نحن أفضل منكم أجراً، إنا لنعمر المسجد الحرام ونسقي الحجيج" يشعر بأنه لم يكن مسلماً.
قوله: (قرئ: (يُبَشِّرُهُمْ) بالتخفيف): أي: بفتح الياء، مِنَ: بشر؛ حمزة. والباقون: بالتثقيل.


الصفحة التالية
Icon