وامتناعه من الصرف؛ لأنه جمع وعلى صيغة لم يأت عليها واحد، والمواطن الكثيرة: وقعات بدر، وقريظة، والنضير، والحديبية، وخيبر، وفتح مكة.
فإن قلت: كيف عطف الزمان والمكان -وهو يَوْمَ "حُنَيْنٍ"- على "المواطن"؟ قلت: معناه: وموطن يوم حنين، أو: في أيام مواطن كثيرة ويوم حنين، ويجوز أن يراد بالموطن الوقت، كمقتل الحسين، على أنّ الواجب أن يكون "يوم حنين" منصوباً بفعل مضمر لا بهذا الظاهر، وموجب ذلك أنّ قوله: (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ) بدل من "يوم حنين"،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"طحت": أي: هلكت، هوى من جبل عالٍ يهوى هوياً: سقط، "بأجرامه": بثقله، و"قلة النيق": رأس الجبل، والجمع: نياق. يقول: رُب موطنٍ لولاي هلكت فيه كما يهلك الذي يسقط من رأس الجبل.
قوله: (كيف عُطف الزمان والمكان - وهو "يوم حنين" - على "المواطن"؟ ): قيل: يعني: أن الفعل كما يقتضي ظرف المكان يقتضي ظرف الزمان، فلا يجوز أن يُجعل أحدهما تابعاً للآخر، كما لا يُعطف المفعول به على المفعول فيه، ولا الفاعل على المفعول، ولا المصدر على شيء من ذلك، ولا بالعكس.
قال صاحب "الانتصاف": "لا مانع من عطف ظرف الزمان على المكان، كعطف أحد المفعولين على الآخر، تقول: ضرب زيدٌ عمراً يوم الجمعة وفي المسجد، كما تقول: ضربت زيداً وعمراً، مع أنه لابد من تغاير الفعلين الواقعين بالمفعولين، فإنك إذا قلت: اضرب زيداً اليوم وعمراً غداً، لم يشك في أن الضربين متغايران بتغاير الظرفين، والفعلُ واحدٌ في الصياغة، فيجوز في الآية أن يكون كل واحد من الظرفين على حاله.


الصفحة التالية
Icon