وبين هوازن وثقيف -وهم أربعة آلاف فيمن ضامّهم من إمداد سائر العرب، فكان الجمّ الغفير-، فلما التقوا قال رجل من المسلمين: "لن نغلب اليوم من قلة"، فساءت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: قائلها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: أبو بكر، وذلك قوله: (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) - فاقتتلوا قتالًا شديداً، وأدركت المسلمين كلمة الإعجاب بالكثرة، وزلّ عنهم أن الله هو الناصر، لا كثرة الجنود، فانهزموا، حتى بلغ فلهم مكة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
وقلت: الصحيح أنه حال منه، وقوله: "الذين" مع صلته: بدل من "اثنا عشر ألفاً" والمعنى: وهم الذين حضروا مكة، وكانوا عشرة آلاف، وانضم إليهم ألفان من الطلقاء، فصاروا اثني عشر ألفاً.
قال ابن الجوزي في كتاب "الوفا": "حُنين: وادٍ بينه وبين مكة ثلاث ليال، وإن رسول الله ﷺ لما فتح مكة حشدت هوازن وثقيف، فجاؤوا بأموالهم وأهليهم، وخرج رسول الله ﷺ من مكة في اثني عشر ألفاً"، القصة إلى آخرها.
قوله: (لن نُغلب اليوم من قلة): هو مثل قوله تعالى: (لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً) [الفرقان: ٧٣]، قال: (لَمْ يَخِرُّوا) ليس نفياً للخرور، وإنما هو إثبات له ونفي للصمم والعمى". كذا "لن نُغلب" ليس نفياً للمغلوبية، وإنما هو إثبات له ونفي للقلة، يعني: متى غُلبنا كان سببه غير القلة، هذا - من حيث الظاهر - ليس كلمة إعجاب، لكنها كناية عنها، فكأنه قال: ما أكثر عددنا، مثله قول الشاعر:
. غلتْ نابٌ كليبٌ بواؤها


الصفحة التالية
Icon