فإن قلت: لم سميت السابقة قدما؟ قلت: لما كان السعي والسبق بالقدم، سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدما، كما سميت النعمة يداً؛ لأنها تعطى باليد، وباعاً؛ لأنّ صاحبها يبوع بها، فقيل: لفلان قدم في الخير، وإضافته إلى (صدق) دلالة على زيادة فضل، وأنه من السوابق العظيمة. وقيل: مقام صدق.
(إِنَّ هذا): إن هذا الكتاب وما جاء به محمد "لَسحِرٌ"،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدماً): قال السجاوندي: "سُمي المُقدم قدماً، كما سُمي الجاسوس عيناً، والمستعلي رأساً، بل كل صفة مرضية للعبد عند سيده: قدم، وكل نعمة شاملة للسيد على عبده: يد".
قوله: (لأن صاحبها يبوع بها)، الأساس: "ومن المجاز: لفلان سابقة وباع، وتبوع للمساعي: مد باعه".
قوله: (مقام صدق): هو كقوله تعالى (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) [القمر: ٥٥]، الأساس: "مشى فلان اليقدمية والقدمية: إذا تقدم في المكارم ومعالي الأمور".
الانتصاف: "لم يسموا السابقة السوء: قدماً، إما لكون المجاز لم يطرد، أو اطرد ولكن غلب العرف على قصرها".
قوله: (إن هذا الكتاب وما جاء به محمد لسحر): إشارة إلى اتصال هذه الآية بالآيتين السابقتين، آذنت الأولى: بأن السورة تحدي بها، وأفحم من تحدى بها، وأثبت بالآيتين السابقتين، آذنت الأولى: بأن السورة تحدى بها، وأفحم من تحدى بها، وأثبتت رسالة المدعي، والثانية: بأنهم بعد العجز عاندوا وتعجبوا مستهزئين، والثالثة: بأنهم أظهروا ما به يتبين عجزهم من تلك الكلمة التي يرمي بها العاجز المبهوت، وإليه الإشارة بقوله: "وهو دليل عجزهم واعترافهم به".