ويجوز أن يريد: يهديهم في الآخرة بنور إيمانهم إلى طريق الجنة، كقوله تعالى: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) (الحديد: ١٢).
ومنه الحديث: "إنّ المؤمن إذا خرج من قبره صوّر له عمله في صورة حسنة، فيقول له: أنا عملك، فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة. والكافر إذا خرج من قبره صوّر له عمله في صورة سيئة فيقول له: أنا عملك، فينطلق به حتى يدخله النار".
فإن قلت: فلقد دلت هذه الآية على أنّ الإيمان الذي يستحق به العبد الهداية والتوفيق والنور يوم القيامة: هو إيمان مقيد، وهو الإيمان المقرون بالعمل الصالح، والإيمان الذي لم مقرونا بالعمل الصالح فصاحبه لا توفيق له ولا نور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التمسك بسبب السعادة كالوصول إليها"، [فالهداية] على هذا التفسير عبارة عن الدلالة الموصلة إلى البغية، وسبيل هذا البيان سبيل البدل في قوله تعالى: (ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا) [فاطر: ٣٢ - ٣٣]، قال: "جعلَ (جَنَّاتُ عَدْنٍ) الذي هو السبق بالخيرات، لأن السبق لما كان السبق في نيل الثواب نُزل منزلة السبب، كأنه الثواب، فأبدلت عنه (جَنَّاتُ عَدْنٍ) ".
قوله: (يهديهم في الآخرة بنور إيمانهم إلى طريق الجنة): فعلى هذا الهداية مجرد الدلالة، وقال أبو البقاء: " (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ) يجوز أن يكون مستأنفاً، وأن يكون حالاً من ضمير المفعول في (يَهْدِيهِمْ)، والمعنى: يهديهم في الجنة إلى مُراداتهم في هذه الحال"، وقال القاضي: "يجوز أن يكون خبراً ثانياً".


الصفحة التالية
Icon