ثم قال: (بإيمانهم)، أي: بإيمانهم هذا المضموم إليه العمل الصالح، وهو بين واضح لا شبهة فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روينا في "مسند أحمد بن حنبل" عن أبي ذر وأبي الدرداء: أن رسول الله ﷺ قال: "إني لأعرف أمتي يوم القيام من بين سائر الأمم بسيماهم في وجوههم من أثر السجود، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم"، وفي رواية قال: "هم غُر محجلون من أثر الوضوء، ليس كذلك أحد غيرهم".
وأما خلاف الأصوليين فمشهور لا حاجة إلى عرضه.
ومقام المدح لا يدل على ما أورده صاحب "الانتصاف" من أنه يلزم أن المؤمن إذا لم يعمل صالحاً مخلدٌ في النار، وقال: "إنه تعالى جعل سبب الهداية إلى الجنة مطلق الإيمان، فقال: (يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ)، وقوله: "إن المراد إضافة العمل إلى الإيمان" لا تنتهض به الدعوى، وشبهته أن الإيمان الذي جُعل سبباً مقيد بالأعمال الصالحة، فيقيد به الثاني، وهو ممنوع، فإن الضمير يعود إلى الذوات لا باعتبار الصفات".
وقلت: قد ذكرنا أن هذا مما يأباه اللفظ.
قوله: (ثم قال: (بِإِيمَانِهِمْ)): يعني: أن الإضافة بدل من لام التعريف، كقوله تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام: (وَاشْتَعَلَ الرَّاسُ شَيْباً) [مريم: ٤]، أي: رأسي، أو أن الإيمان إذا قُرنَ بالعمل أريد مجرد التصديق، وإذا جُرد عنه أريد به المجموع.


الصفحة التالية
Icon