..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: ولعل الظاهر هو أن يضاف السلام إلى الله عز وجل إكراماً لأهل الجنة، كما ذكر المصنف في الوجه الأخير، وينصره قوله تعالى في سورة يس: (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس: ٥٨]، "أي: يُسلمُ عليهم بغير واسطة مبالغة في تعظيمهم، وذلك متمناهم"، كذا فسره المصنف.
وهذا يدل على أنه يحصل للمؤمنين بعد نعيمهم في الجنة ثلاثة أنواع من الكرامة:
وسطها: (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ).
وأولها: ما يقولون عند مشاهدتها: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ)، وهي سطوع نور الجمال من وراء حجاب الجلال، وما أفخم شأن اقتران (اللَّهُمَّ) بـ (سُبْحَانَكَ) في هذا المقام، كأنهم لما رأوا أشعة تلك الأنوار لم يتمالكوا أن لا يرفعوا أصواتهم به.
وآخرها: أجل منهما، ولذلك ختموا الدعاء عند رؤيتها بـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وما هي إلا نعمة الرؤية التي كل نعمة دونها.
فكانت الكرامة الأولى كالتمهيد للثالثة، وما أشد طباقاً لهذا التأويل ما رويا عن ابن ماجه عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نورن فرفعوا رؤوسهم، فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، قال: وذلك قوله تعالى: (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس: ٥٨]، قال: فينظر إليهم وينظرون إليه،


الصفحة التالية
Icon