[(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ١٥].
غاظهم ما في القرآن من ذم عبادة الأوثان والوعيد للمشركين، فقالوا: (ائْتِ بِقُرْآنٍ) آخر ليس فيه ما يغيظنا من ذلك نتبعك، (أَوْ بَدِّلْهُ) بأن تجعل مكان آية عذاب آية رحمة، وتسقط ذكر الآلهة وذمّ عبادتها، فأمر بأن يجيب عن التبديل، لأنه داخل تحت قدرة الإنسان، وهو أن يضع مكان آية عذاب آية رحمة مما أنزل، وأن يسقط ذكر الآلهة. وأما الإتيان بقرآن آخر، فغير مقدور عليه للإنسان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فأمر بأن يُجيب عن التبديل؛ لأنه داخل تحت قدرة الإنسان... ، وأما الإتيان بقرآن آخر فغير مقدور): اعلم أن التبديل يجيء بمعنيين، قال المصنف في قوله تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ) [إبراهيم: ٤٨]: "التبديل: التغيير، وقد يكون في الذوات كقولك: بدلت الدراهم دنانير، وفي الأوصاف كقولك: بدلت الحلقة خاتماً".
ويمكن أن ينزل قوله: (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا) على المعنى الأول، ولهذا قال: "إن نُسخت آية تبعت النسخ"، لأن النسخ إبطال للمنسوخ مع إبداله الناسخ، ويُنزل قوله: (أَوْ بَدِّلْهُ) على المعنى الثاني، ولهذا قال: "وهو أن يضع مكان آية عذاب آية رحمة مما أنزل، وأن يُسقط ذكر الآلهة"، ثم الجواب- وهو قوله: (قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي) - يحتمل أن يجرى على المعنيين، فيكون جواباً عن الاقتراحين، وأن يُحمل على الأهون، فيدخل الأغلظ بطريق الأولى، وفي كلامه إشعار بهذا.


الصفحة التالية
Icon