فاجؤوا وقوع المكر منهم، وسارعوا إليه قبل أن يغسلوا رؤوسهم من مس الضراء، ولم يتلبثوا ريثما يسيغون غصتهم. والمعنى: أنّ الله دبر عقابكم، وهو موقعه بكم قبل أن تدبروا كيف تعملون في إطفاء نور الإسلام.
(إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ) إعلام بأنّ ما تظنونه خافيا مطويا لا يخفى على الله، وهو منتقم منكم. وقرئ: (تمكرون) بالتاء والياء.
وقيل: مكرهم قولهم: سقينا بنوء كذا. وعن أبى هريرة: "إنّ الله ليصبح القوم بالنعمة ويمسيهم بها، فتصبح طائفة منهم بها كافرين؛ يقولون: مطرنا بنوء كذا.
[(هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ٢٢ - ٢٣].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ريثما يسيغون)، الجوهري: "راث علي خبرك يريث ريثاً: أبطأ". و"ما" مصدرية، أي: مقدار ساعة غصنهم، فأطلق "ريث" على المقدار، وجاز لأن البطء للمقدار.
قوله: (وقرئ: (تَمْكُرُونَ) بالتاء والياء): بالتاء الفوقانية: السبعة، وبالياء: شاذة.
قوله: (وعن أبي هريرة) الحديث: من رواية مسلم والنسائي عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عيه وسلم: "ألم تروا إلى ما قال ربكم؟ قال: ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين، يقولون: الكواكب، الكواكب".