يَا صَاحِبَ الْبَغْي إنَّ الْبَغْيَ مَصْرَعَةٌ | فَارْبَعْ فَخَيْرُ فِعَالِ المَرْءِ أعْسَلُهُ |
فَلَوْ بَغَى جَبَلٌ يَوْماً عَلَى جَبَلٍ | لَانْدَكَّ مِنْهُ أَعَالِيهِ وَأَسْفَلُهُ |
(إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ).
[(إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَاكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ٢٤].
هذا من التشبيه المركب، شبهت حال الدنيا في سرعة تقضيها، وانقراض نعيمها بعد الإقبال، بحال نبات الأرض في جفافه وذهابه حطاماً، بعد ما التف وتكاثف، وزين الأرض بخضرته ورفيفه، (فَاخْتَلَطَ بِهِ): فاشتبك بسببه حتى خالط بعضه بعضاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ) بآل عمران: ٢٦]، فبعث بالرأس والبُردة إلى المأمون، وكتب: وجهت إليك بالدنيا والآخرة، فبُويع المأمون بالخلافة، والله أعلم.
قوله: (يا صاحب البغي) البيتين: "مصرعة": أي: كثير المصارعة شديدها، "فاربع" أي: ارفق وكُف، ربع الرجل: إذا وقف، و"الفَعَال" - بفتح الفاء -: غالب في المكارم، واستعمل هاهنا لمجرد الفعل.
قوله: (هذا من التشبيه المركب): لأن الوجه على ما ذكره منتزع من عدة أمور متوهمة، وقوله: (أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا) استعارة وقعت في طرف المشبه به، فالمشبه به مركب من أمور حقيقية وأمور مجازية.
قوله: (ورفيفه)، الجوهري: "رف لونه يرف - بالكسر - رفا ورفيفاً، أي: برق وتلألأ".