و"الأمس": مثل في الوقت القريب، كأنه قيل: كأن لم تغن آنفاً.
[(وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ٢٥].
(دارِ السَّلامِ): الجنة، أضافها إلى اسمه تعظيما لها، وقيل: السلام: السلامة، لأنّ أهلها سالمون من كل مكروه. وقيل: لفشوّ السلام بينهم وتسليم الملائكة عليهم، (إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً) [الواقعة: ٢٦]، (وَيَهْدِي): ويوفق (مَنْ يَشاءُ)، وهم الذين علم أنّ اللطف يجدي عليهم، لأنّ مشيئته تابعة لحكمته، ومعناه: يدعو العباد كلهم إلى دار السلام، ولا يدخلها إلا المهديون.
[(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) ٢٦].
(الْحُسْنى): المثوبة الحسنى، (وَزِيادَةٌ): وما يزيد على المثوبة، وهي التفضل، ويدل عليه قوله: (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) [النساء: ١٧٣]، وعن علىّ رضي الله عنه: الزيادة: غرفة من لؤلؤة واحدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن مشيئة الله تابعة لحكمته): تعليل لاختصاص الهداية بمن علم أن اللطف يُجدي عليهم، أي: ينفعهم، يريد: انه تعالى لا يوفق من علم أن اللطف لا ينفعه، فإنه منافٍ لحكمته؛ لوقوع التوفيق حينئذ عبثاً، وهو تعالى منزه عن فعل العبث، لأنه حكيم.
وعندنا: أن الله تعالى يخلق الهداية فيمن يشاء، ولا غنى له عن أن لا يهتدي؛ لأن الكائنات تابعة لمشيئة الله وإرادته، وأفعاله كلها حكمة وصواب، وإن خفي علينا وجهها.
قال القاضي: "وفي تعميم الدعوة، وتخصيص الهداية بالمشيئة: دليل على أن الأمر غير الإرادة، وأن المصر على الضلالة لم يُرد الله رشده".