وإن كان الأخفش يجيزه. وفي هذا دليل على أنّ المراد بالزيادة: الفضل، لأنه دل بترك الزيادة على السيئة على عدله، ودل ثمة بإثبات الزيادة على المثوبة على فضله.
وقرئ: "يرهقهم" بالياء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وفي هذا دليل): أي: في هذا النظم والترتيب دليل على أن المراد بالزيادة الفضل لا الرؤية، وذلك أن قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ) [يونس: ٢٥] مجمل يعم الفريقين: المهتدي والضال، لأن الدعوة عامة، وقوله: (وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) [يونس: ٢٥] تفصيل له، وذكر فيه أحد الفريقين - وهم المهتدون - وترك الضالين؛ بدلالة قوله: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى) [يونس: ٢٦] (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ) عليه، كأنه قيل: والله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ثم فرق ما لكل من الفريقين من الجزاء والفضل، فقيل: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى) (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا)، فإن قوله: (جَزَاءُ سَيِّئَةٍ) مقابل لقوله: (الْحُسْنَى)، وهو العدل، ولا تكون الزيادة على العدل إلا الفضل.
وقلت: نعم ما قلت، ولكن لابد للنظم المعجز والعدول من الأصل من فائدة؛ وفي تقييد جانب السيئة بالجزاء، والتخصيص بالمثل، وإطلاق جانب الحسنة، ثم تقييده بالزيادة: إعلام بالفرق العظيم، وأن (الْحُسْنَى) أيضاً فضل، كما في قوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا) [الأنعام: ١٦٠]، ولا ارتياب أن (عَشْرُ أَمْثَالِهَا) الواقع في مقابلة (لا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا) ليس غير الفضل، ولأنه لابد في نصوصية الجزاء وإطلاق ما يقابله في كلام الله المجيد من مزيد فائدة.
وتفسير "الزيادة" على ما جاء عن أفضل البشر واجب المصير لا محيد عنه، ثم إن الإمام


الصفحة التالية
Icon