..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(أُغْشِيَتْ). قال مكي بن أبي طالب: "الواجب أن يُقال: إن العامل في ذي الحال هو العامل في الحال؛ لأنها هو في المعنى، إذ لو اختلف لكان قد عمل عاملان في معمول واحد".
وأجاب الإمام المغفور [له] أمين الدين الشرفشاهي رحمه الله: إن نسبة (أُغْشِيَتْ) إلى (قِطَعاً) إنما هي باعتبار ذاتها المبهمة المفسرة بـ (اللَّيْلِ)، لا باعتبار مفهوم "القطع" في نفسها، وإنما ذُكرت لبيان مقدار ما أغشيت به وجوههم، وهو الليل مظلماً، فإفضاء الفعل إلى (قِطَعاً) - باعتبار ما لا يتم معناها المراد إلا به- كإفضاء الفعل إليه، كما إذا قيل: اشتريت أرطالاً من الزيت صافياً، فإن المشتري منه: الزيت، والأرطال مبينة لمقدار المشترى صافياً، فالعامل في الحال إنما هو الفاعل اللفظي، ولا يلاحظ معنى الفعل في الجار والمجرور في جهة العمل لغلبة العامل اللفظي عليه بالظهور، وفيما أورد المعترض من تقدير المبدل في هذا المحل نظر؛ لأن (مِنْ اللَّيْلِ) تتمة لـ (قِطَعاً)، فلا يكون بدلاً منه.
وقلت- والله أعلم-: ليس إجراء الصفات كلها على الموصوفات سواء، فكم ترى من صفات أو أحوال هي المقصودة في الاعتبار، والموصوفات تابعة، ألا ترى إلى قوله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ) [الحج: ٣٠]، وقولك: رأيت منك أسداً، فإن المقصود ذم الأوثان، وأنها عين الرجس، وأن المخاطب شجاع بالغ في الشجاعة.
وهاهنا جُرد من نفس الليل ذو وصف مثله، وهو "قطعه"، مبالغة؛ لكمالها فيه، فكأنه جعل الليل بماله قطعاً، وأغشيت بها وجوههم، ولأن الليل هو المصحح للتشبيه، ومنه


الصفحة التالية
Icon