وهم غير معترفين بالإعادة؟ قلت: قد وضعت إعادة الخلق - لظهور برهانها - موضع ما إن دفعه دافع كان مكابراً، رادّا للظاهر البين الذي لا مدخل للشبهة فيه، دلالة على أنهم في إنكارهم لها منكرون أمراً مسلماً معترفاً بصحته عند العقلاء، وقال لنبيه ﷺ (قُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ)، فأمره بأن ينوب عنهم في الجواب، يعنى: أنه لا يدعهم لجاجهم ومكابرتهم أن ينطقوا بكلمة الحق، فكلم عنهم.
يقال: هداه للحق وإلى الحق، فجمع بين اللغتين: ويقال: هدى بنفسه؛ بمعنى: اهتدى، كما يقال: شرى بمعنى: اشترى. ومنه قوله: (أَمَّنْ لا يَهِدِّي). وقرئ: (لا يهدّى)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقولوا: ما ثبت عندنا أن الإعادة كائنة، فكيف نُقر بإلهية من ادعيت إلهيته بهذه الدعوى؟ ! نعم، لو أتى بالاستدلال بالخالقية والرازقية دون الإماتة والإحياء- كما في قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْء) [الروم: ٤٠]، لاستقام لإثبات الدعوى.
وأجاب: أن في وضع هذه الآية مكان تلك الآية نظراً دقيقاً، وهو الإشارة إلى أن الإعادة أمر مكشوف ظاهر، بلغ في الظهور والجلاء بحيث يصح أن تثبت به دعوى أخرى، ففيه صنعة الإدماج، كقول ابن نباتة:

فلابد لي من جهلة في وصاله فمن لي بخل أودع الحلم عنده
ضمن الغزل الفخر بكونه حليماً، والفخر شكاية الإخوان.
ثم الدليل على ظهور الدليل: أمره تعالى لنبيه ﷺ بقوله: (قُلْ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) [يونس: ٣٤]: أمره بأن يُجيب عنه كما يجاب عن الأمر المسلم ثبوته، كقوله تعالى: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ) [الأنعام: ١٩]، لكن الذي يمنعهم المكابرة واللجاج.
قوله: (وقرئ: (لا يَهْدِي)): ابن كثر وورش وابن عامر: "أمن لا يهدي"، بفتح الياء


الصفحة التالية
Icon