لا ريب فيه، فيكون (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) متعلقاً بـ (تصديق) و"تفصيل"، ويكون (لا رَيْبَ فِيهِ) اعتراضاً، كما تقول: زيد لا شكّ فيه كريم.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراه) ُ بل أيقولون: اختلقه، على أن الهمزة تقرير لإلزام الحجة عليهم، أو إنكار لقولهم واستبعاد، والمعنيان متقاربان.
(قُلْ) إن كان الأمر كما تزعمون (فَاتُوا) أنتم على وجه الافتراء (بِسُورَةٍ مِثْلِهِ)، فأنتم مثلي في العربية والفصاحة، ومعنى (بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) أي: شبيهة به في البلاغة وحسن النظم. وقرئ: "بسورة مثله"، على الإضافة، أي: بسورة كتاب مثله، وَادْعُوا من دون الله مَنِ اسْتَطَعْتُمْ من خلقه للاستعانة به على الإتيان بمثله،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (بل أيقولون: اختلقه): إشارة إلى أن (أمْ) هي المنقطعة، والهمزة: إما للتقرير أو الإنكار؛ فإذا كانت للتقرير كان المعنى: أنتم قلتم: إنه اختلقه؛ فأتوا بسورة مثله.
وإذا كانت للاستبعاد والإنكار كان المعنى: إنه بعيد أن يقولوا: إنه مختلق، وهم عاجزون عن الإتيان بمثله، فالمعنيان متقاربان في إلزام الحجة عليهم.
قوله: (ومعنى (بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) أي: شبيهة به في البلاغة): مضى تحقيقه في سورة البقرة.
قوله: (وادعوا من دون الله من استطعتم): قدم الجار والمجرور على المفعول به، وفي التلاوة خلافه؛ ليؤذن بأن (مِنْ دُونِ) صلة الفعل لا حال من المفعول، ليفيد العموم المراد من قوله: "لا يقدر على ذلك أد غيره"، فيكون على وزان قوله: (قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ) الآية [الإسراء: ٨٨]، ولو جُعل حالاً رجع المعنى: أي: وادعوا من استطعتم، والحال أنه غير الله، وهو عن المقصود بمعزل.