وقيل: أسرّ رؤساؤهم الندامة من سفلتهم الذين أضلوهم حياء منهم وخوفا من توبيخهم. وقيل: أسروها: أخلصوها، إما لأن إخفاءها إخلاصها، وإما من قولهم: سرّ الشيء؛ لخالصه، وفيه تهكم بهم وبأخطائهم وقت إخلاص الندامة. وقيل: أسروا الندامة: أظهروها، من قولهم: أسر الشيء وأشره: إذا أظهره. وليس هنالك تجلد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن إخفاءها إحلاصها): وذلك أن الندامة هي حصول الغم بسبب العثور على سوء الصنيع، فيُقال: ندم فُلان: إذا حصلت له هذه الحقيقة في القلب، وإذا قيل: أخفى الندامة، آذن بشدة تمكنها في القلب وإخلاصها عن شوائب ما ينافيها، ثم إذا خُوطب بها في مقام الانتقام والتوبيخ كان تهكماً بالمخاطب، أو يقال: أظهر الندامة: إذا أبدى أمارات حصولها في القلب، من انتكاس الرأس، وعض الأنامل، وتغير الكلام. وأخفى الندامة: إذا تجلد وكمنها في القلب حذار الشماتة، فتكون مخلصة بهذا الاعتبار، قال:
وتجلدي للشامتين أربهم | أني لريب الدهر لا أتضعضع |
قوله: (وقيل: أسروا الندامة: أظهروها): عطف على قوله: (وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ)؛ لأن المراد من الأول: إخفاؤها، وكذلك قوله: "وقيل: أسر رؤساؤهم الندامة" عطف عليه باعتبار اختلاف الفاعل في "أسروا". الجوهري: "أسررت الشيء: كتمته وأعلنته أيضاً، وهو من الأضداد".
قوله: (وليس هنالك تجلد): أي: أظهروه عجزاً وضعفاً، وفيه كناية.