والتقرير، وإيجاب اختصاص الفضل والرحمة بالفرح دون ما عداهما من فوائد الدنيا، فحذف أحد الفعلين لدلالة المذكور عليه، والفاء داخلة لمعنى الشرط، كأنه قيل: إن فرحوا بشيء فليخصوهما بالفرح، فإنه لا مفروح به أحق منهما.
ويجوز أن يراد: بفضل الله وبرحمته فليعتنوا فبذلك فليفرحوا،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وإيجاب اختصاصهما بالفرح): فإن قلت: كيف قال: "اختصاصهما بالفرح"، والواجب أن يُقال: "إيجاب اختصاص الفرح بهما"، فإن تقديم قوله: (فَبِذَلِكَ) على الفعل يفيد ذلك، كأنه قيل: افرحوا بهما لا بغيرهما؟ والجواب: إذا اختص الفرح بهما فقد اختصا بالفرح مبالغة، ويجوز أن يكون من باب القلب.
قوله: (لا مفروح به): "به" متعلق بـ"مفروح"، وخبره "أحق منهما"، وكان من حقه أن يكون منصوباً، كما ذكره في "المفصل"، لأنه مشابه للمضاف، وهو ما يتعلق به شيء من تمامه معناهن لا على جهة الإضافة، نحو: لا خيراً من زيد عندنا.
قوله: (ويجوز أن يُراد: بفضل الله وبرحمته فليعتنوا): وقرينة الحذف صورة التركيب، وتقديم الجار والمجرور دال على الاعتناء بشأنهما، كقوله تعالى: (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) [العنكبوت: ٥٦]، فإنه في تأويل: فإن لم تخلصوا لي العبادة في أرض فأخصوها في غيرها، دل على تقدير الإخلاص تقديم المفعول المؤذن بالاختصاص، أو دل على تقدير "فليعتنوا" قوله: (فَلْيَفْرَحُوا)، لأن الفرح معنى بشأنه، مثل قولك: زيداً ضربت غلامه، أي: أهنت زيداً ضربت غلامه.