ويجوز أن ينتصب (هذا القرآن) بـ (نقصّ)، كأنه قيل: نحن نقص عليك أحسن الاقتصاص هذا القرآن بإيحائنا إليك. والمراد بـ"أحسن الاقتصاص": أنه اقتصّ على أبدع طريقة وأعجب أسلوب. ألا ترى أنّ هذا الحديث مقتص في كتب الأولين وفي كتب التواريخ؟ ولا ترى اقتصاصه في كتاب منها مقارباً لاقتصاصه في القرآن؟
وإن أريد بـ (القصص): المقصوص، فمعناه: نحن نقص عليك أحسن ما يقص من الأحاديث، وإنما كان أحسنه لما يتضمن من العبر والنكت والحكم والعجائب التي ليست في غيرها،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن ينتصب (هَذَا الْقُرْآنُ) بـ (نَقُصُّ))، والفرق بين هذا والأول: هو أن على الأول مفعول (نَقُصُّ) محذوف، ومفعول (أَوْحَيْنَا): (هَذَا الْقُرْآنُ)، وعلى هذا بالعكس، والمعنى على هذا: نحن نقص عليك هذا القرآن- أي: قصة يوسف- بواسطة الإيحاء أحسن الاقتصاص، وعلى الأول: نحن نقص عليك قصة يوسف بواسطة إيحاء هذا القرآن المعجز الباهر تبيانه القاهر سلطانه أحسن الاقتصاص، وهذا أبلغ، ويكون المصدر مؤكداً.
قوله: (وإن أريد بـ (الْقَصَصِ))، معطوف على قوله: "فإن أريد المصدر فمعناه".
قوله: (وإنما كان أحسنه لما يتضمن من العبر والنكت)، قال محيي السنة: "والفوائد التي تصلح للدين والدنيا من سير الملوك والمماليك والعلماء، ومكر النساء، وقصص الرؤيا، والصبر على أذى الأعداء، والتجاوز عنهم بعد الاقتدار، وغير ذلك".


الصفحة التالية
Icon