يفسرها لهم ويشرحها ويدلهم على مودعات حكمها. وسميت أحاديث، لأنه يحدث بها عن الله ورسله، فيقال: قال الله وقال الرسول كذا وكذا. ألا ترى إلى قوله تعالى (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) [الأعراف: ١٨٥]، (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) [الزمر: ٢٣]، وهو اسم جمع للحديث وليس بجمع أحدوثة؟ ومعنى إتمام النعمة عليهم: أنه وصل لهم نعمة الدنيا بنعمة الآخرة، بأن جعلهم أنبياء في الدنيا وملوكا. ونقلهم عنها إلى الدرجات العلا في الجنة. وقيل: أتمها على إبراهيم بالخلة، والإنجاء من النار، ومن ذبح الولد. وعلى إسحاق بإنجائه من الذبح، وفدائه بذبح عظيم، وبإخراج يعقوب والأسباط من صلبه. وقيل: علم يعقوب أنّ يوسف يكون نبياً وإخوته أنبياء استدلالا بضوء الكواكب، فلذلك قال: (وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهو اسم جمع للحديث، وليس بجمع أحدوثة)، وقال في موضع آخر: "الأحاديث تكون اسم جمع للحديث، ومنه: أحاديث الرسول، وتكون جمعاً للأحدوثة التي هي مثل الأضحوكة والأعجوبة، وهي ما يتحدث به الناس تلهياً وتعجباً"، وقد يظن أنه ناقض؛ لأنه قال في "المفصل": "وقد يجيء الجمع مبنياً على غير واحده المستعمل، وذلك نحو: أراهط وأباطيل وأحاديث".
قال الفراء: ترى أن واحد "الأحاديث": أحدوثة، ثم جعلوه جمعاً للحديث.
وقال علم الدين السجاوندي في "شرح المفصل": كأنهم جمعوا "حديثاً" على "أحدثة"، ثم جمعوا الجمع على "أحاديث"، كقطيع وأقطعة وأقاطيع، فعلى هذا يصح أن يقال: وهو مبني على واحدة المستعمل.