[(قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَاكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ)].
(لَيَحْزُنُنِي) اللام لام الابتداء، كقوله (وإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) [النحل: ١٢٤]، ودخولها أحد ما ذكره سيبويه من سببى المضارعة. اعتذر إليهم بشيئين:
أحدهما: أنّ ذهابهم به ومفارقته إياه مما يحزنه، لأنه كان لا يصبر عنه ساعة.
والثاني: خوفه عليه من عدوة الذئب إذا غفلوا عنه برعيهم ولعبهم، أو قلّ به اهتمامهم ولم تصدق بحفظه عنايتهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من سببي المضارعة)، وهما دخول اللام والسين للحال والاستقبال، وسببه: أن بين فعل المضارع وبين الاسم المشترك أمراً جامعاً، وهو أنهما موضوعان لمتعدد مخالف في الحقيقة، ثم يصير كل واحد منهما لمتعين بقرينة تدخل عليه بعد أن كان شائعاً، فدخول حرف الاستقبال قرينة يتضح بها مدلوله في قصد المتكلم من غير زيادة، هذا هو الوجه، لا ما قيل: هو مثل اسم الجنس، نحو: رجل، يقع على آحاد متعددة على البدل، ثم يتميز لكل واحد من آحاده إذا قصد إليه بحرف التعريف، لأن المضارع موضوع لكل واحد من مدلوليه، وهما مختلفان، واسم الجنس هو في المعنى لحقيقة واحدة، لا اختلاف فيه، وبهذا يتبين وجه قوله في "المفصل": "ويشترك فيه الحاضر والمستقبل"، هذا تلخيص كلام ابن الحاجب.
قوله: (من عدوة الذئب)، أي: خطفته، الجوهري: "دفعت عنك عادية فلان؛ أي: ظلمه وشره".


الصفحة التالية
Icon