وروي أَن امرأَة حاكمت إلى شريح فبكت، فقال له الشعبي: يا أبا أمية، أما تراها تبكي؟ فقال: قد جاء إخوة يوسف يبكون وهم ظلمة: ولا ينبغي لأحد أن يقضي إلا بما أمر أن يقضي به من السنة المرضية. وروي أَنه لما سمع صوتهم فزع وقال: ما لكم يا بنيّ؟ هل أَصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا: لا. قال: فما بالكم وأين يوسف؟ (قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ) أي: نتسابق، والافتعال والتفاعل يشتركان كالانتضال والتناضل: والارتماء والترامي، وغير ذلك. والمعنى. نتسابق في العدو أو في الرمي. وجاء في التفسير: ننتضل.
(بِمُؤْمِنٍ لَنا) بمصدّق لنا (وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) ولو كنا عندك من أهل الصدق والثقة، لشدّة محبتك ليوسف، فكيف وأنت سيئ الظن بنا، غير واثق بقولنا؟
[(وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ)].
(بِدَمٍ كَذِبٍ) ذي كذب. أو وصف بالمصدر مبالغة، كأنه نفس الكذب وعينه، كما يقال للكذاب: هو الكذب بعينه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن ميمون: "جاءوا أباهم عشى يبكون"؛ عشوا من البكاء، وطريق ذلك أنه جمع "عاش"، وكان قياسه: عشاة، كماش ومشاة، إلا أنه حذف الهاء تخفيفاً، وهو يريدها، وفيه ضعف، لأن قدر ما بكوا في ذلك اليوم لا يعشو منه الإنسان، ويجوز أن يكون جمع عشوة؛ أي: ظلاماً، وجمعه لتفرق أجزائه".


الصفحة التالية
Icon