وأنّ الله آتاه الحكم والعلم جزاء على إحسانه. وعن الحسن: من أحسن عبادة ربه في شبيبته آتاه الله الحكمة في اكتهاله.
[(وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)].
المراودة: مفاعلةً، من راد يرود: إذا جاء وذهب،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وأن الله آتاه الحكم والعلم جزاء على إحسانه)، لا يحمل هذا على الاستحقاق والوجوب، بل على التيسير والتسهيل، أي: أن الله خلقه للحكم والعلم، فوفق لأن يحسن ويكون متهيئاً لما خلق له، وعليه يحمل قول الحسن، أي: ومن وفق أن يحسن عبادة ربه في شبيبته يؤتى الحكم في اكتهاله، وعليه ما رويناه عن البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها في حديث بدء الوحي، فقال: "زملوني زمِّلوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة- وأخبرها الخبر-: لقد خشيت على نفسي، فقالت له خديجة: كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"، الحديث.
قوله: (المراودة: مفاعلة؛ من: راد يرود)، الراغب: "الرود: التردد في طلب الشيء برفق، يقال: راد وارتاد، ومنه: الرائد؛ لطالب الكلأ، وباعتبار الرفق قيل: رادت الإبل في مشيها ترود روداناً، ومنه: رويد.
والإرادة منقولة من: راد يرود؛ إذا سعى في طلب شيء، والإرادة- في الأصل-: قوة مركبة من شهوة وحاجة وأمل، وجعل اسماً لنزوع النفس مع الحكم فيه بأنه ينبغي أن يفعل أو لا يفعل، ثم تستعمل مرة في المبدأ، وهو نزوع النفس إلى الشيء، وتارة في المنتهى،