..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأنشد صاحب "المفتاح" من هذا الأسلوب قول الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بنى لنا | بيتاً دعائمه أعز وأطول |
وعلى الأول: (يُدَبِّرُ) جملة مستأنفة على تقدير سؤال، أي: الذي رفع السماوات على هذه الصفة، واستوى على العرش وسخر الشمس والقمر، ما داعي حكمته في إنشائها وتسخيرها والاستواء عليه؟ فقيل: يدبر الأمر يفصل الآيات الدالة على وجود منشئها، وحكمة مخترعها، ليوقن المكلفون أن المرجع إليه، ويؤمنوا أن لابد من لقائه، ليثيبهم ويعاقبهم على ما ابتلوا به، وإليه الإشارة بقوله: (لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ).
وقوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ): مثله ما في سورة يونس: (إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ) إلى قوله: (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) [يونس: ٣ - ٤] إلى آخر الآيات، والله أعلم.
وقال صاحب "التقريب" في الفرق بين الخبر والصفة: "أنه إذا جعل "الذي" صفة، فهي كأنها معلومة، فذكرها ليستدل بها، وإذا جعل خبراً لم يلزم العلم بها قبل الإخبار، فيكون الإخبار بهذه الآيات دعاوى لا دلائل، والأولى أن يقول: إنما لا يلزم لو كان الخبر غير مصدر بـ "الذي"، أما إذا كان مصدراً به فيلزم، إذ الصلة حقها أن تكون معلومة كالصفة، فقد استويا"، تم كلامه. وفيه بحث، والتحقيق ما أسلفناه.