كانت الإعادة أهون شيء عليه وأيسره، فكان إنكارهم أعجوبة من الأعاجيب (أَإِذا كُنَّا) إلى آخر قولهم، يجوز أن يكون في محل الرفع بدلاً من (قولهم) وأن يكون منصوباً بالقول. و"إذا" نصبٌ بما دل عليه قوله (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)، (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) أولئك الكاملون المتمادون في كفرهم، (وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) وصف بالإصرار، كقوله: (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا) [يس: ٨]، ونحوه:
لَهُمْ عَنِ الرُّشْدِ أَغْلَالٌ وَأَقْيَادُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإنكار من العاقل الناظر في هذه الدلائل لما هو أهون من ذلك أعجوبة من الأعاجيب.
قوله: (أهون شيء عليه)، أي: عندكم، كقوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم: ٢٧]، أي: عندكم.
قوله: (بما دل عليه قوله: (أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ))، قال أبو البقاء: "والعامل في "إذا" فعل دل عليه الكلام، تقديره: أإذا كنا تراباً نبعث، ودل عليه قوله: (لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)، ولا يجوز أن ينتصب بـ (كُنَّا)، لأن "إذا" مضافة إليه".
وقال الزجاج: "فمن قرأ (أَءِذَا) على الاستفهام، ثم قرأ (أَءِنَّا)، فـ "إذا" منصوبة؛ بمعنى: نبعث، أي: إذا كنا تراباً نبعث، ومن قرأ: "إنا لفي خلق" أدخل همزة الاستفهام على جملة الكلام، وكانت "إذا" نصباً بـ (كُنَّا)، لأن الكلام في معنى الشرط والجزاء، ولا يجوز أن يعمل (جَدِيدٍ) في "إذا"، لأنه لا خلاف في أن ما بعد "إن" و"إذا" لا يعمل فيما قبلها".
قوله: (لهم عن الرشد أغلال وأقياد)، أوله:


الصفحة التالية
Icon