أي: فيصيب بها من يشاء في حال جدالهم، وذلك: أنّ أربد أخا لبيد ابن ربيعة العامري قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم- حين وفد عليه معه عامر بن الطفيل قاصدين لقتله، فرمى الله عامراً بغدّةٍ كغدّة البعير، وموتٍ في بيت سلولية، وأرسل على أربد صاعقة فقتلته: أخبرنا عن ربنا، أمن نحاس هو أم من حديد؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاملة بقوله: (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى) إلى قوله: (الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ)، ثم أخبر عن استواء الظاهر والخفي عنده بقوله: (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ)، ثم أخبر عما دل على قدرته الباهرة (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ)، ثم أخبر عن وحدانيته بقوله: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً)، وقوله: (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ)، ثم قال: إنهم مع قال (يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ)، أي: في شأن الله من علمه وقدرته؛ حيث ينكرون على رسوله ما يصفه به من القدرة على البعث بقولهم: من يحيي العظام وهي رميم، ويردون الوحدانية باتخاذ الشركاء، ويجعلونه بعض الأجسام بقولهم: الملائكة بنات الله. هذا على تقرير المصنف.
والأنسب لتأليف النظم: أن يكون هذا تسلية لحبيبه صلوات الله عليه، فإنه تعالى لما نعى على كفار قريش عنادهم في اقتراحهم الآيات نحو آيات موسى وعيسى عليهما السلام، وإنكارهم الذي جاء به صلوات الله عليه آيات، سلاه، بمعنى: هون عليك فإنك لست مختصاً به، فإنهم مع ظهور الآيات البينات ودلائل التوحيد يجادلون في الله باتخاذ الشركاء وإثبات الأولاد، ومع شمول علمه وكمال قدرته ينكرون الحشر والنشر، ومع قهر سلطانه وشديد سطواته يقدمون على المكابرة والعناد، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.
وقد أسلفنا في الأنعام عند قوله تعالى: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ) [الأنعام: ١٠٠] تقرير هذه الطريقة، فإنها من الأساليب الغريبة، ولا يكاد يوجد مثلها في غير التنزيل.
قوله: (بغدة كغدة البعير)، النهاية: "الغدة: الطاعون للإبل، وقلما تسلم منه، يقال:


الصفحة التالية
Icon