(أَمْ جَعَلُوا) بل اجعلوا، ومعنى الهمزة الإنكار و (خَلَقُوا) صفةٌ لـ (شركاء)، يعني أنهم لم يتخذوا لله شركاء خالقين قد خلقوا مثل خلق الله (فَتَشابَهَ) عليهم خلق الله وخلقهم، حتى يقولوا: قدر هؤلاء على الخلق كما قدر الله عليه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (حتى يقولوا)، غاية لقوله: "فتشابه"، ومعنى النفي في قوله: "لم يتخذوا" يعطيه معنى الهمزة الإنكارية في "أم"، فيكون المنكر الجعل مع مفعوليه والصفة.
قال في "الانتصاف": " (خَلَقُوا كَخَلْقِهِ) في سياق الإنكار: تهكم، فإن غير الله لا يخلق شيئاً، لا مساوياً ولا منحطاً، فقد كان يكفي في الإنكار أن الآلهة التي اتخذوها لا تخلق، لكن قوله: (كَخَلْقِهِ) تهكم، والزمخشري لا يستطيع ذكر هذه النكتة، لأن الله ربهم يخلق الجواهر والأعراض، والعبيد لا يخلقون سوى أفعالهم، وفي قوله: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) إلجام لأفواه المشركين والقدرية، فلذلك تقاصر لسان الزمخشري هنا، وقرت شقاشقه".
وقلت: أما قضية المذهب هنا، وقوله: "لا يقدرون على ما يقدر عليه من الخلق": فبطلانه بقوله تعالى: (قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) ظاهر، وأما إثبات التهكم فمتكلف، لأن التهكم هو ذكر الشيء وإرادة نقيضه استحقاراً للمخاطب، كقوله تعالى: (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران: ٢١]، وقولهم: (إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) [هود: ٨٧]، وها هنا قوله: (خَلَقُوا كَخَلْقِهِ) مبالغة في إثبات العجز لها على سبيل الاستدراج وإرخاء العنان،


الصفحة التالية
Icon