وهو الذي بسط رزق أهل مكة ووسعه عليهم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن المبتدأ قار في مكانه، وليس مثل: "أنا عرفت" في احتمال التخصيص والتقوي.
ويمكن أن يوجه تفسير المصنف بأن يقال: إن في التركيب تكرير الحكم، فاكتسى الحكم قوة، فيفيد التأكيد، فناسب أن يضمن التخصيص، لأن التخصيص ليس إلا تأكيد الحكم بالنفي والإثبات، والتأكيد أبداً يرفع إرادة التجوز عن الحكم، والوجه أن ذلك التخصيص من قبل اختصاص الاسم الجامع بالذكر، وبناء (يَبْسُطُ الرِّزْقَ) عليه.
يؤيده قوله في قوله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) [الزمر: ٢٣]: "وإيقاع اسم "الله" مبتدأ، وبناء (نَزَّلَ) عليه: فيه تفخيم لـ (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ)، وتأكيد لإسناده إلى الله تعالى، وأنه من عنده، وأن مثله لا يجوز إلا أن يصدر عنه".
قوله: (وهو الذي بسط رزق أهل مكة)، إشارة إلى أن اللام في (الرِّزْقَ) عوض من المضاف إليه، كقوله تعالى: (وَاشْتَعَلَ الرَّاسُ شَيْباً) [مريم: ٤]، وأن الضمير في "فرحوا" عائد إليه، والآية متصلة بقوله: (كَمَنْ هُوَ أَعْمَى)، وهم الذين لا يعلمون المراد من ضرب المثلين، ولا يستجيبون لربهم، وذلك لما بسط الله عليهم الدنيا، فنسوا حظاً مما ذكروا به، وفرحوا بالحياة الدنيا، ألا ترى كيف عقبه بقوله: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ)، إذ لو سمعوا ما أنزل عليهم، وعلموا حقيقته، لما قالوا ذلك، وبقوله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ)، حيث سمعوه وعرفوا أنه حق من الله عز وجل، فاستجابوا له،


الصفحة التالية
Icon