فلا سبيل إلى اهتدائهم وإن أنزلت كل آية، (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ) كان على خلاف صفتكم (أَنابَ) أقبل إلى الحق، وحقيقته دخل في نوبة الخير، (والَّذِينَ آمَنُوا) بدل من (مَنْ أَنابَ)، (وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ) بذكر رحمته ومغفرته بعد القلق والاضطراب من خشيته، كقوله: (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ) [الزمر: ٢٣]، أو: تطمئن بذكر دلائله الدالة على وحدانيته، أو تطمئن بالقرآن لأنه معجزة بينة تسكن القلوب وتثبت اليقين فيها.
(الَّذِينَ آمَنُوا) مبتدأ، و (طُوبى لَهُمْ) خبره. ويجوز أن يكون بدلاً من (القلوب)، على تقدير حذف المضاف، أي: تطمئن القلوب قلوب الذين آمنوا، و (طوبى) مصدرٌ من: طاب، كبشرى وزلفى،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو تطمئن بالقرآن، لأنه معجزة)، هذا الوجه ملائم لقوله: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ)، ليكون تعريضاً بالكفار كما سبق.
قوله: (ويجوز أن يكون بدلاً من (الْقُلُوبُ))، ويحتمل بدل الكل والبعض والاشتمال، بحسب التعريف في (الْقُلُوبُ)، وهذا أحسن توافقاً للموصول الأول، وفائدته التعريض بالكفار، وأنهم لا قلوب لهم، لأن عملهم غير صالح، وأن عنادهم بسبب أن أفئدتهم هواء، ولا يلقون أذهانهم وسمعهم كمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، و (طُوبَى لَهُمْ) - على هذا- جملة مستأنفة، كأنه قيل: فما لهم؟ وأجيب: طوبى لهم.