هذا يعضد ما فسرت به قوله: (لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) [الرعد: ٣٠] من إرادة تعظيم ما أوحى إلى رسول الله ﷺ من القرآن.
وقيل: معناه ولو أن قرآناً وقع به تسيير الجبال، وتقطيع الأرض وتكليم الموتى وتنبيههم، لما آمنوا به ولما تنبهوا عليه كقوله (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ) الآية [الأنعام: ١١١].
وقيل: إن أبا جهل بن هشام قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: سير بقرآنك الجبال عن مكة حتى تتسع لنا فنتخذ فيها البساتين والقطائع، كما سُخرت لداود عليه السلام إن كنت نبياً كما تزعم، فلست بأهون على الله من داود. وسخر لنا به الريح لنركبها ونتجر إلى الشام ثم نرجع في يومنا، فقد شق علينا قطع المسافة البعيدة كما سخرت لسليمان عليه السلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهذا يعضد ما فسرت به)، يعني: إذا جعلت جواب "لو" قوله: "لكان هذا القرآن"، لا ما يجيء: "لما آمنوا"، ولا ما دل عليه قوله: (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ) كما ذهب إليه الفراء، كان دالاً على أن ذلك التفسير هو الوجه.
وأما اتصاله على هذا بما سبق: فالظاهر أنه داخل تحت حيز القول، أي: قل: هو ربي، وقل: لو أن قرآناً، والله أعلم.
قوله: (وقيل: معناه: ولو أن قرآناً وقع به تسيير الجبال... لما آمنوا)، فعلى هذا: الآية متصلة بقوله: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ)، وقوله: "وقيل: إن أبا جهل" متفرع على هذا الوجه، ولا يلزم على هذا تعظيم القرآن، لكن يكون تسجيلاً على شدة شكيمتهم وغاية عنادهم.


الصفحة التالية
Icon