وقيل: (قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ) شُققت فجعلت أنهاراً وعيوناً.
(بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) على معنيين: أحدهما: بل لله القدرة على كل شيء، وهو قادر على الآيات التي اقترحوها، إلا أنّ علمه بأنّ إظهارها مفسدة يصرفه. والثاني: بل لله أن يلجئهم إلى الإيمان، وهو قادر على الإلجاء لولا أنه بنى أمر التكليف على الاختيار. ويعضده قوله (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ) يعني: مشيئة الإلجاء والقسر (لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) ومعنى (أَفَلَمْ يَيْأَسِ): أفلم يعلم. قيل: هي لغة قومٍ من النخع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً) على معنيين)، أي: يكون إما إضراباً عما أجاب به قول أبي جهل، أي: أعرض عن هذا، فإن الله تعالى قادر على ما اقترحه، إلا أنه تعالى علم أن إظهاره مفسدة، أو عن قوله: "وقيل: معناه: ولو أن قرآناً وقع به تسيير الجبال" إلى آخره، لأن جزاء "لو" على التقديرين: "لما آمنوا به"، والمعنى على هذا: بلغ تصميمهم إلى أنهم لو شاهدوا تلك الآيات العظام لما رجعوا عن تصميمهم، بل لله أن يلجئهم إلى الإيمان، وهو قادر على الإلجاء، لولا أنه تعالى بنى أمر التكليف على الاختيار، بناءً على مذهبه، وهذا على الوجهين الآخرين.
قال القاضي: "بل الله قادر على الإتيان بما اقترحوه من الآيات، إلا أن إرادته لم تتعلق بذلك، لعلمه بأنه لا تلين له شكيمتهم، يؤيد ذلك قوله: (أَفَلَمْ يَيْئَسْ الَّذِينَ آمَنُوا) عن إيمانهم مع ما رأوا من الأحوال".
قوله: (قيل: هي لغة قوم من النخع)، بفتح النون والخاء المعجمة، كذا في "جامع