فإذا كان صلةً لم يعمل فيه، وإذا كان غير صلةٍ بمعنى اذكروا نعمة الله مستقرّة عليكم عمل فيه، ويتبين الفرق بين الوجهين أنك إذا قلت: نعمة الله عليكم، فإن جعلته صلة لم يكن كلاماً حتى تقول فائضة أو نحوها، وإلا كان كلاماً.
ويجوز أن يكون (وإذ) بدلاً من (نعمة الله)، أي: اذكروا وقت إنجائكم، وهو من بدل الاشتمال.
فإن قلت: في سورة البقرة (يُذَبِّحُونَ)، وفي الأعراف: (يُقَتِّلُونَ) وهاهنا (وَيُذَبِّحُونَ) مع الواو، فما الفرق؟ قلت: الفرق أنّ التذبيح حيث طرح الواو جعل تفسيراً للعذاب وبياناً له، وحيث أثبت جعل التذبيح لأنه أو في على جنس العذاب، وزاد عليه زيادة ظاهرة كأنه جنس آخر. فإن قلت: كيف كان فعل آل فرعون بلاء من ربهم؟ قلت: تمكينهم وإمهالهم، حتى فعلوا ما فعلوا ابتلاء من الله. ووجه آخر وهو أن ذلك إشارة إلى الإنجاء وهو بلاء عظيم، والبلاء يكون ابتلاء بالنعمة والمحنة جميعاً، قال تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [الأنبياء: ٣٥]، وقال زهير:
فَأَبْلَاهُمَا خَيرَ البَلَاءِ الذِى يَبْلُوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كيف كان فعل آل فرعون بلاء من ربهم)، يريد: كيف نسب البلاء الصادر من آل فرعون إلى الله تعالى؟ وأجاب: أن ما صدر منهم لما كان من تمكين الله تعالى نسب إليه، وهذا تحريف؛ لأن لفظة التنزيل: (وَفِي ذَلِكُم) أي: وفي أفعالهم اختبار من الله، أي: أنه تعالى خلق فيهم تلك الأفعال؛ ليكون ابتلاء منه.
قوله: (فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو)، أوله:
جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم