لأنهم إذا كذبوها ولم يقبلوها، فكأنهم ردوها في أفواههم ورجعوها إلى حيث جاءت منه على طريق المثل (مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ) من الإيمان بالله. وقرئ: «تدعونا»، بإدغام النون (مُرِيبٍ) موقع في الريبة أو ذى ريبة، من أرابه، وأراب الرجل، وهي قلق النفس وأن لا تطمئن إلى الأمر.
[(قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَاتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)].
(أَفِي اللَّهِ شَكٌّ) أدخلت همزة الإنكار على الظرف، لأن الكلام ليس في الشك، إنما هو في المشكوك فيه، وأنه لا يحتمل الشك لظهور الأدلة وشهادتها عليه (يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) أي: (يدعوكم) إلى الإيمان (ليغفر لكم)، أو يدعوكم لأجل المغفرة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (على طريق المثل)، أي: مثل ما جاء به الأنبياء من المصالح والنصائح والمواعظ، وأنهم ردوها أبلغ رد، وما قبلوها، بما يحاول رده إلى حيث جاء منه؛ من الكلام الخارج من الفم، فقيل: (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ)، نحوه قوله تعالى: (نَبَذَ فَرِيقٌ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ) [البقرة: ١٠١]، قال المصنف: "نبذه وراء ظهورهم مثل لتركهم وأعراضهم عنه بما يرمى به وراء الظهر استغناء عنه وقلة التفات إليه"، فإذن لا يد ولا فم هناك.
قوله: (لأن الكلام ليس في الشك)، يعني: من حق حرف الاستفهام أن يدخل على فعل الشك، لا على الظرف الذي هو متعلقه، وإنما أدخل عليه لأن التردد إنما وقع في المشكوك فيه، لأن الشك موجود لا كلام فيه.
قوله: (أي: (يَدْعُوكُمْ) إلى الإيمان (لِيَغْفِرَ لَكُم)، أو: يدعوكم لأجل المغفرة)، وعلى الثاني: الدعوة مطلقة أو المدعو إليه عام، قال القاضي: " (يَدْعُوكُمْ) إلى الإيمان (لِيَغْفِرَ


الصفحة التالية
Icon