..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: وروينا في "سنن ابن ماجة" عن عباس بن مرداس: "أن النبي ﷺ دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة، فأكثر الدعاء، فأجيب: أني قد غفرت لهم ما خلا المظالم، فإني آخذ للمظلوم منه. قال: أي رب، إن شئت أعطيت المظلوم من الجنة، وغفرت للظالم. فلم يجب عشيته، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم- أو تبسم-، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: فما الذي أضحكك، أضحك الله سنك؟ قال: إن عدو الله إبليس لما علم أن الله استجاب دعائي، وغفر لأمتي، أخذ التراب، فجعل يحثوه على رأسه، ويدعو بالويل والثبور، فأضحكني ما رأيت من جزعه".
قال صاحب "الفرائد": "من": زائدة للتأكيد، كما هو مذهب الأخفشن فيكون مبالغة واستغراقاً في غفران الذنوب الماضية من الكفر وغيره، وذلك أليق بأهل الكفر حين دعوا إلى الإيمان والعمل الصالح؛ لبعدهم عن ذلك وإنكارهم، فخصوا لذلك بذلك. ونقل عن الأصم: أن "من" للتبعيض، والمعنى: أنكم إذا تبتم يغفر الله لكم الذنوب التي هي الكبائر، فأما الصغائر فلا حاجة إلى غفرانها، لأنها في نفسها مغفورة.
وقلت: والذي يقتضيه المقام هذا، لأن الدعوة عامة، لقوله تعالى: (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ)، كأنه قيل: أيها الشاكون الملوثون بأوضار الشرك والكفر والمعاصي، إن الله يدعوكم إلى الإيمان والتوحيد ليطهركم من أجناس أنجاس الذنوب، فلا وجه للتخصيص، وقد ورد: (إِن


الصفحة التالية
Icon