وقرئ: (أحكمت آياته ثم فصلت)، أي: أحكمتها أنا ثم فصلتها. وعن عكرمة والضحاك: (ثم فصلت)، أي: فرّقت بين الحق والباطل.
فإن قلت: ما معنى (ثم)؟ قلت: ليس معناها التراخي في الوقت، ولكن في الحال، كما تقول: هي محكمة أحسن الإحكام، ثم مفصلةٌ أحسن التفصيل، وفلانٌ كريم الأصل، ثم كريم الفعل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: يفصل بين الناس بالحكم، وفصل الخطاب: ما فيه قطع الحكم، وحكم فيصل، ولسان مفصل، قال تعالى: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) إشارة إلى ما قال: (تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً) [النحل: ٨٩]، والمفصل من القرآن: السبع الأخير، والفواصل: أواخر الآي، وفواصل القلادة: شذر يفصل به بينها".
قوله: (ليس معناها التراخي في الوقت، ولكن في الحال): قوله: "في الحال": يحتمل أمرين:
أن يراد: التراخي في الرتبة- كما مر مراراً-، وأن يراد التراخي في الإخبار، كما قال القاضي، وقال أبو البقاء في غير هذا الموضع: "ثم- ها هنا-: غير مقتضية ترتيباً في المعنى، وإنما