فلا يلتفتون إليهم ويتكبرون عليهم ويشاقونهم، يقولون ذلك شماتة بهم وحكى الله ذلك من قولهم ليكون لطفاً لمن سمعه. وقيل: هم الملائكة. قرئ: تتوفاهم، بالتاء والياء. وقرئ: (الذين توفاهم)، بإدغام التاء في التاء (فَأَلْقَوُا السَّلَمَ) فسالموا وأخبتوا، وجاءوا بخلاف ما كانوا عليه في الدنيا من الشقاق والكبر، وقالوا: (ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ) وجحدوا ما وجد منهم من الكفر والعدوان، فردّ عليهم أولو العلم (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فهو يجازيكم عليه، وهذا أيضاً من الشماتة وكذلك (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: قال الأنبياء من جهة أممهم المكذبة: (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ) شماتة بهم.
قوله: (قرئ: (تَتَوَفَّاهُمْ) بالتاء والياء)، قرأ حمزة في الموضعين بالياء التحتاني، والباقون: بالتاء.
قوله: (وقرئ: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ) بإدغام التاء في التاء)، قرأها البزي.
قوله: (وأخبتوا)، الجوهري: الإخبات: الخشوع، يقال: اخبت لله، أي: تواضع، وأصله: الإلقاء في الأجسام، فاستعمل في إظهارهم الانقياد، إشعاراً بغاية خضوعهم واستكانتهم، وأنها كالشيء الملقي بين يدي الغالب القاهر.
قوله: (وهذا أيضاً من الشماتة، وكذلك (فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ)، فالشماتة الأولى قولهم: (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ)، أي الذين يموتون على الشرك، لقوله: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: ١٣]، فلما ألقوا السلم، أي: ذلوا وخضعوا قائلين: (مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ) رد عليهم أولو العلم:


الصفحة التالية
Icon