مفعولا للإنزال، فقالوا خيراً: أي أنزل خيراً، وأولئك عدلوا بالجواب عن السؤال فقالوا: هو أساطير الأوّلين، وليس من الإنزال في شيء. وروى أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء الواقد كفه المقتسمون وأمروه بالانصراف وقالوا: إن لم تلقه كان خيراً لك، فيقول: أنا شرّ وافد إن رجعت إلى قومي دون أن أستطلع أمر محمد وأراه، فيلقى أصحاب رسول الله ﷺ فيخبرونه بصدقه، وأنه نبيّ مبعوث، فهم الذين قالوا خيراً. وقوله (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) وما بعده بدل من خيراً، حكاية لقوله (الذين اتقوا)، أي: قالوا هذا القول، فقدّم عليه تسميته خيراً ثم حكاه. ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ عدة للقائلين، ويجعل قولهم من جملة إحسانهم ويحمدوا عليه (حَسَنَةٌ) مكافأة في الدنيا بإحسانهم، ولهم في الآخرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (مفعولاً)، حال مترادف، أو مفعول له، أي: نُصب هذا فصلاً بين الجوابين مفعولاً للإنزال.
قوله: (بدل من (خَيْراً) حكاية) خبران لقوله: "وقوله: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) ".
قوله: (أي: قالوا هذا القول، فقدم عليه تسميته خيراً ثُم حكاه)، يريد أن جواب المتقين عن قولهم: (مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ) كأن أنزل (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ) إلى آخره، فقدم تعالى عليه (خيراً) وجعله توطئة لقولهم، ثم حكى قولهم: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) إلى آخره. قال القاضي: فعلى هذا قوله: (خَيْراً): مفعول (قَالُوا).
قوله: (ويجوز أن يكون كلاماً مبتدأ)، عطف على قوله: "بدل"، فعلى هذا هو من كلام الله تعالى يمدح القائلين ويعدهم على ما أحسنوا فيه من القول، وجاء به عاماً في جميع ما أحسنوا ليدخل هذا القول فيه أيضاً. و (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) مُظهر وُضع موضع المضمر للإشعار بأنهم مستأهلون بأن يحسن إليهم دُنيا وعُقبى.


الصفحة التالية
Icon