(كذلِكَ) أي: مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب (فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ
بتدميرهم (لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) لأنهم فعلوا ما استوجبوا به التدمير سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا جزاء سيئات أعمالهم. أو هو كقوله وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشورى: ٤٠].
[(وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ)].
هذا من جملة ما عدّد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب)، يعني: المشار إليه بقوله ذلك في (كَذَلِكَ) ما دل عليه الآيات السابقة من الشرك والتكذيب، فعلى هذا لا يحسن ترتب قوله: (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا) على قوله: (كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) حسنه لو كان المشار إليه ما دل عليه قوله: (هَلْ يَنْظُرُونَ)؛ لأنه نوع آخر من قبائحهم كما سبق، وأي: ما لهم استمروا على الكفر والاستهزاء، ولم يُؤمنوا مع هذه البيانات الشافية والدلالات الواضحة هل ينظرون إلا مجيء الآيات الملجئة حين (لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) [الأنعام: ١٥٨]، (كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)، (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون)، فيكون قوله: (وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) معترضاً بين السبب والمسبب.
قوله: (أو هو كقوله: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ) [الشورى: ٤٠] يعني: قوله: (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا) دل على أن ما أصابهم سيئة، وليس بهن فيجب أن يُقدر مضاف أو يُجعل من باب المشاكلة.
قوله: (هذا من جملة ما عدد)، يعني قوله: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) معطوف من حيث المعنى على ما سبق من أول السورة من أصناف كفرهم وعنادهم وشركهم بالله،


الصفحة التالية
Icon