وهو ما خلق الله من كل شيء له ظل، وجمع بالواو، لأن الدخور من أوصاف العقلاء، أو لأن في جملة ذلك من يعقل فغلب. والمعنى: أو لم يروا إلى ما خلق الله من الأجرام التي لها ظلال متفيئة عن أيمانها وشمائلها، أي عن جانبي كل واحد منها. وشقيه استعارة من يمين الإنسان وشماله لجانبي الشيء، أي: ترجع الظلال من جانب إلى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت: لأنه حال مؤكدة، فإذا جعلت الظلال ساجدة، يلزم منه المبالغة في سجود الأجرام بالطريق الأولى، وهو معنى الدخور، فيقع الحال تأكيداً، كما في قوله: (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) [التوبة: ٢٥] ولايفيد الأول هذا المعنى، وفيه إدماج لمعنى تسخير الأجرام العلوية، لأن الظل إنما يحصل من حركات الكواكب والشمس، ولما بين ذلك، وأراد أن يُبين الاختصاص وأنها تسجد لله لا لغيره، قال: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ)، قال القاضي: قوله: (سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) هما حالان من الضمير في (ظِلالهُ)، والمراد من السجود الاستسلام، سواء كان بالطبع أو الاختيار، يقال: سجدت النخلة: إذا مالت لكثرة الحمل، وسجد البعير إذا طأطأ رأسه ليُركب، والمعنى: ترجعُ الظلالُ بارتفاع الشمس وانحدارها منقادة لما قُدر لها من التفيؤ، أو واقعة على الأرض ملتصقة بها على هيئة الساجد، والأجرام في أنفسها أيضاً صاغرة منقادة لأفعال الله فيها.
قال أبو البقاء: (سُجَّداً) حال من الظلال، (وَهُمْ دَاخِرُونَ) حال من الضمير في (سُجَّداً)، ويجوز أن يكون حالاً ثانية معطوفة.
قوله: (وجُمع بالواو؛ لأن الدخور من أوصاف العقلاء)، وذلك أن من لا يعقل إذا وُصف بصفة العقلاء أجرى مجرى العقلاء في الاستعمال، وإذا حُكم على العقلاء، وغير العقلاء، تغلب العقلاء على غيرهمز
قوله: (استعارة)، خبر مبتدأٍ محذوف، أيمان الظلال وشمائل الظلال في قوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon