[(وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ)].
الدِّينُ الطاعة واصِباً حال عمل فيه الظرف. والواصب: الواجب الثابت، لأنّ كل نعمة منه فالطاعة واجبة له على كل منعم عليه. ويجوز أن يكون من الوصب، أي: وله الدين ذا كلفة ومشقة، ولذلك سمى تكليفا. أو: وله الجزاء ثابتا دائما سرمدا لا يزول، يعنى الثواب والعقاب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلتُ: وتحريره أن قوله تعالى: (وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ) إلى آخر الآيات، مفرغٌ في قالب واحد؛ لأن أصل الكلام: لا تُشركوا بي شيئاً في العبادة؛ لأن المعبود واحد، فانظروا بنظر الإنصاف أنه مَن هو؟ فإذا أدّاكُم النظرُ إلى أن ذلك المعبود أنا، فخصوني بالرهبة، مثله في الانتقال والتخصيص قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة ٤] بعد قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ)، وإجراء الصفات عليه تعالى. ثُم عطف قوله: (وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) على قوله: (إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ) بعدما رتب عليه التقوى، ليؤذن بأن عظمة الإلهية، كما تقتضي الخوف، كذلك المالكية، فعلق به قوله: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ)، ثم وبخهم وأنكر عليهم بعد الشرك كُفرانهم نعم الله تعالى بقوله: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ)، ثم استبعده بقوله: (ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) قال ابن الحاجب: الآية جيء بها لإخبار قوم استقرت بهم نعمٌ جهلوا معطيها، أو شكوا فيه، أو فعلوا ما يؤدي إلى أن يكونوا شاكين، فاستقرارها مجهولة أو مشكوكة سببٌ للإخبار بكونها من الله تعالى.
قوله: (أو: ولهُ الجزاء [ثابتاً] دائماً) ن عطفٌ على قوله: " (الِدَيْنِ): الطاعةُ... والواصب: الواجب الثابت"، والدين إذا فُسر بالطاعة، والواصب يجوز أن يكون بمعنى الواجب، فيكون المعنى: الطاعة واجبة لله تعالى؛ لأن كل نعمة منهُ، وأن يكون بمعنى الكلفة والمشقة، ويكون المعنى: وله الطاعة التي فيها كلفة ومشقة، ابتلاء للعباد ليتميز المخلص من غيره، وإذا فُسر بالجزاء كقوله تعالى (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة: ٣] فالواجب


الصفحة التالية
Icon