ولي هؤلاء، لأنهم منهم. ويجوز أن يكون على حذف المضاف، أى: فهو ولى أمثالهم اليوم.
[(وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ* وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)].
(وَهُدىً وَرَحْمَةً) معطوفان على محل (لِتُبَيِّنَ) إلا أنهما انتصبا على أنهما مفعول لهما، لأنهما فعلا الذي أنزل الكتاب. ودخل اللام على (لِتُبَيِّنَ): لأنه فعل المخاطب لا فعل المنزل. وإنما ينتصب مفعولا له ما كان فعل فاعل الفعل المعلل. والذي اختلفوا فيه: البعث، لأنه كان فيهم من يؤمن به، ومنهم عبد المطلب، وأشياء من التحريم والتحليل والإنكار والإقرار (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) سماع إنصاف وتدبر، لأنّ من لم يسمع بقلبه، فكأنه أصم لا يسمع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: هذا هو الوجه، وعليه النظم الفائق؛ لأن في تصدر القسمية بقوله: (تَاللَّهِ) بعد إنكارهم الرسالة، وتعداد قبائحهم، الإشعار بأنها كالتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الأمم الخالية مع الرسل السالفة لم تزل على هذه الوتيرة فلك أسوة بتلك الأنبياء، وقومك خلفٌ لتلك الأمم، فلا تهتم لذلك، فإن ربك ينتقم لك منهم بالقتل والدمار في الدنيا، وبعذاب النار في العقبى، فاشتغل أنت عنهم بتبليغ ما أُنزل عليك من الكتاب الفيصل بين الحق والباطل، الهادي إلى الصراط المستقيم، والرحمة للمؤمنين، وبتقرير أنواع الدلائل المنصوبة على الوحدانية، وبالتنبيه على إقامة الشكر على نعم الله المتظاهرة، وهذا التقرير يؤاخي التقرير في فاتحة هذه السورة الكريمة، والله أعلم.
قوله: (وإنما ينتصب مفعولاً له)، قوله: "مفعولاً له" تمييزٌ، والفاعل "ما" في "ما كان".
قوله: (وأشياء من التحريم)، عطفٌ على قوله: "البعث".


الصفحة التالية
Icon