من الحوض، ويجوز أن يكون حالا من قوله: (لَبَناً) مقدما عليه، فيتعلق بمحذوف، أي: كائناً من بين فرث ودم.
ألا ترى أنه لو تأخر فقيل: لبناً من بين فرث ودم كان صفة له؟ وإنما قدم؛ لأنه موضع العبرة، فهو قمن بالتقديم. وقد احتج بعض من يرى أن المنى طاهر على من جعله نجسا؛ لجريه في مسلك البول بهذه الآية، وأنه ليس بمستنكر أن يسلك مسلك البول وهو طاهر، كما خرج اللبن من بين فرث ودم طاهراً.
[(وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)].
فإن قلت: بم تعلق قوله: (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ)؟ قلت: بمحذوف تقديره: ونسقيكم من ثمرات النخيل والأعناب، أي: من عصيرها، وحذف لدلالة (نسقيكم) قبله عليه، وقوله (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) بيان وكشف عن كنه الإسقاء. أو تعلق بـ (تتخذون). و (منه) من تكرير الظرف للتوكيد، كقولك: زيد في الدار فيها. ويجوز أن يكون (تَتَّخِذُونَ) صفة موصوف محذوف، كقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسط الفرث والدم مكان الإسقاء، كقراءة من قرأ: "لقد تقطع بينكم" بالرفع.
قوله: (أو تعلق بـ (تَتَّخِذُونَ))، أي: قوله: (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ)، وقلت: البيان والكشف أولى لمقابلته قوله: (نُسقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَ) وهو بيان لقوله: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً)، ولذلك جعل (وَمِنْ ثَمَرَاتِ) متعلقاً بالمحذوف لا بهذا الظاهر، لكونه غير صالح للبيان. قال أبو البقاء: وقيل: التقدير: وتتخذون من ثمرات النخيل سكراً، وأعاد (مِن) لما قدم وأخر وذكر الضمير؛ لأنه عاد على شيء المحذوف، أو على معنى الثمرات، وهو الثمرُ، أو على النخل، أي: من ثمر النخل، أو على الجنس أو على البعض أو على المذكور.
قوله: (زيدٌ في الدار فيها)، قال في سورة "الأنبياء": "أورد سيبويه- في باب ما يُثنى فيه


الصفحة التالية
Icon