(وَهُوَ) في نفسه (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ): على سيرة صالحة ودين قويم. وهذا مثل ثان ضربه الله لنفسه ولما يفيض على عباده ويشملهم من آثار رحمته وألطافه ونعمه الدينية والدنيوية، وللأصنام التي هي أموات لا تضر ولا تنفع وقرئ: (أينما يوجه)، بمعنى: أينما يتوجه، من قولهم: (أينما أوجه ألق سعداً). وقرأ ابن مسعود: (أينما يوجه)، على البناء للمفعول.
[(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)].
(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي: يختصّ به علم ما غاب فيهما عن العباد وخفي عليهم علمه. أو: أراد بغيب السموات والأرض: يوم القيامة، على أن علمه غائب عن أهل السموات والأرض لم يطلع عليه أحد منهم. (إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) أي: هو عند الله وإن تراخى، كما تقولون أنتم في الشيء الذي تستقربونه: هو كلمح البصر أو هو أقرب، إذا بالغتم في استقرابه. ونحوه قوله: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [الحج: ٤٧] أي: هو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أينما أوجه ألق سعداً)، يُضربُ لمن يتلقى الشر أية سلك، وعن بعض: أصله أن أضبط كان سيد قومه، فأصابه منهم جفوة، فارتحل عنهم إلى آخرين، فرآهم يصنعون بساداتهم مثل صنيع قومه، فقال: "أينما أوجه ألق سعداً"، وسعد كان شريراً.
قوله: (ونحوه قوله: (يَسْتَعْجِلُونَكَ))، أي: نحوه في استعمال الله تعالى ما يستقرب المدة فيما هو بعيد عند الناس، قوله تعالى: (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [الحج: ٤٧]، أي: ألف سنةٍ عندكم بعيدٌ، وعند الله مقدار يومٍ على عرفكم وعادتكم.


الصفحة التالية
Icon