[(وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ)].
(شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) يعنى: نبيهم؛ لأنه كان يبعث أنبياء الأمم فيهم منهم، (وَجِئْنا بِكَ) يا محمد (شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ): على أمتك. (تِبْياناً): بيانا بليغاً ونظير، «تبيان»: «تلقاء» في كسر أوله، وقد جوز الزجاج فتحه في غير القرآن. فإن قلت: كيف كان القرآن تبيانا لِكُلِّ شَيْءٍ؟ قلت: المعنى: أنه بين كل شيء من أمور الدين، حيث كان نصا على بعضها وإحالة على السنة، حيث أمر فيه بإتباع رسول الله ﷺ وطاعته. وقيل: (وما ينطق عن الهوى) (النجم: ٣). وحثاً على الإجماع في قوله: (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) [النساء: ١١٥]، وقد رضي رسول الله ﷺ لأمته اتباع أصحابه، والاقتداء بآثارهم في قوله صلى الله عليه وسلم: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، وقد اجتهدوا وقاسوا ووطؤوا طرق القياس والاجتهاد، فكانت السنة والإجماع والقياس والاجتهاد، مستندة إلى تبيان الكتاب، فمن ثمّ كان تبيانا لكل شيء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل: (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى) [النجم: ٣]، عطفٌ على قوله: "أمر فيه باتباع الرسول وطاعته"، يعني: أُحيل البيان على السنة بوجهين حيث أمر فيه، أي: في قوله تعالى: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) [النور: ٥٤] ن وحيث قيل في حقه: (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى).
قوله: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)، مثله في "جامع الأصول"، رواه رزين العبدري عن ابن المسيب، وفي رواية "أخبار الشهاب": "أصحابي مثلُ النجوم من اقتدى بشيء منها اهتدى"، وذكره الصغاني في قسم الحِسان.


الصفحة التالية
Icon