لأن الله تعالى عدل فيه على عباده، فجعل ما فرضه عليهم واقعاً تحت طاقتهم. وَالْإِحْسانِ: الندب؛ وإنما علق أمره بهما جميعاً؛ لأنّ الفرض لابدّ من أن يقع فيه تفريط فيجبره الندب؛ ولذلك قال رسول الله ﷺ - لمن علمه الفرائض فقال: والله لا زدت فيها ولا نقصت: «أفلح إن صدق»، فعقد الفلاح بشرط الصدق والسلامة من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روينا عن البخاري ومسلم، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله ﷺ قال: "أيها الناس: خُذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله تعالى ما يملُّ حتى تملوا".
وعن أبي داود، عن سهل، عن رسول الله ﷺ قال: "لا تُشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم... الحديث.
وأما الأخلاق: فالعدل في الجود: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) [الفرقان: ٦٧]، وفي الشجاعة: (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح: ٢٩] (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) [المائدة: ٥٤]، ثُم الزيادةُ على العدل قد تكون إحساناً، وقد تكون إساءة، والإحسان إما أن يكون بحسب الكمية أو الكيفية. فالكمية: كالتطوع بالنوافل، والكيفية: كالاستغراق في شهود مقامات العبودية والربوبية، قال صلى الله عليه وسلم: "الإحسان أن تعبُد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنهُ يراك"، وهذه الآية استئناف، كالبيان لكون الكتاب تبياناً لكل شيء.
قوله: (فقال: والله لا زدتُ فيها ولا نقصت)، وفي رواية البخاري ومسلم: "لا أزيدُ على هذا ولا أنقص".
قوله: (فعقد الفلاح)، أي: قيده، من قولهم: عقدتُ الحبل والبيع.


الصفحة التالية
Icon