دخلاً، (بَيْنَكُمْ) أي: مفسدة ودغلاً، (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ): بسبب أن تكون أمة، يعنى: جماعة قريش، (هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ): هي أزيد عدداً وأوفر مالا. من أمة من جماعة المؤمنين، (إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ) الضمير لقوله: (أن تكون أمة)، لأنه في معنى المصدر، أى: إنما يختبركم بكونهم أربى، لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله وما عقدتم على أنفسكم ووكدتم من أيمان البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أم تغترون بكثرة قريش وثروتهم وقوّتهم وقلة المؤمنين وفقرهم وضعفهم، (وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ) إنذار وتحذير من مخالفة ملة الإسلام.
[(وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)].
(وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) حنيفة مسلمة على طريق الإلجاء والاضطرار، وهو قادر على ذلك، (وَلكِنْ) الحكمة اقتضت أن يضلّ (مَنْ يَشاءُ)؛ وهو أن يخذل من علم أنه يختار الكفر ويصمم عليه، (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وهو أن يلطف بمن علم أنه يختار الإيمان. يعني: أنه بني الأمر على الاختيار وعلى ما يستحق به اللطف والخذلان، والثواب والعقاب، ولم يبنه على الإجبار الذي لا يستحق به شيء من ذلك، وحققه بقوله: (وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ولو كان هو المضطرّ إلى الضلال والاهتداء، لما أثبت لهم عملاً يسألون عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((دَخَلاً بَيْنَكُمْ) أي: مفسدةً ودغلاً)، الراغبُ: الدخلُ كنايةٌ عن الفساد والعداوة المستبطنة، كالدغل، وعن الدعوة في النسب، يقال: دخل دخلاً، ويقال: دُخِلَ فلانٌ فهو مدخول، كناية عن بلهٍ في عقله، وفسادٍ في أصله، ومنه قيل: شجرة مدخولة.
قوله: (ولو كان هو المضطر إلى الضلال والاهتداء لما أثبت لهم عملا يُسألون عنه)، "المُضطر": اسم فاعل. وقلتُ: إثبات العمل لهم على طريق الكسب، لا يدفع السؤال.


الصفحة التالية
Icon